في خطوة تهدف إلى دعم التنوع الثقافي وتعزيز مشاركة المجتمعات المختلفة في الحياة المدنية، أعلنت الحكومة الفنلندية عن فتح باب التقديم لبرامج المنح الموجهة إلى المنظمات المدنية والمجتمعات المحلية للفترة 2025–2028. ووفقًا لبيان صادر عن مجلس الوزراء الفنلندي، فإن هذه المنح ستُوجّه إلى مشاريع تهدف إلى تعزيز الثقافة، نشر المعرفة، وتشجيع الحوار بين المجتمعات متعددة اللغات، بما فيها المجتمعات الناطقة باللغة العربية في فنلندا (valtioneuvosto.fi).

تُعتبر هذه الخطوة امتدادًا لسياسات فنلندا في تعزيز التكافؤ والمشاركة المدنية، خاصة أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا في مشاركة بعض الفئات المهاجرة في الفعاليات الثقافية بسبب نقص التمويل والدعم المؤسسي. من خلال هذا البرنامج، يمكن للمنظمات أن تتقدم بطلب للحصول على تمويل لمشاريع متنوعة، مثل:

تنظيم فعاليات ثقافية وفنية.
إنشاء منصات إعلامية متعددة اللغات.
إطلاق مشاريع توعية مجتمعية.
تعزيز التعاون بين الشباب من خلفيات مختلفة.

من جانب آخر، أطلقت وزارة الخارجية الفنلندية برنامج Norden 2025، وهو مبادرة إقليمية تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والتعليمي بين دول الشمال الأوروبي. ويتيح هذا البرنامج فرصًا إضافية للمنظمات في فنلندا للتعاون مع نظيراتها في السويد، النرويج، الدنمارك وآيسلندا، مما يوسع نطاق المشاركة ويفتح المجال أمام تبادل الخبرات (um.fi).

هذا النوع من التمويل يُعتبر حيويًا للناطقين باللغة العربية الذين يديرون جمعيات أو منصات ثقافية في فنلندا. فالكثير من هذه الجمعيات تعاني من محدودية الموارد التي تحدّ من قدرتها على تنظيم فعاليات مستدامة أو تطوير محتوى إعلامي يلبي احتياجات مجتمعاتهم. عبر هذه المنح، يمكن لهذه الجمعيات أن تطلق مبادرات تعزز الهوية الثقافية وتخلق جسورًا للتواصل مع المجتمع الفنلندي الأوسع.

غير أن هناك تحديات تلوح في الأفق، أبرزها القدرة على إعداد مقترحات مشاريع قوية تستوفي المعايير المطلوبة. إذ تشترط الجهات المانحة أن تكون المشاريع قابلة للتنفيذ وذات أثر ملموس على المجتمع المحلي. كما أن المنافسة ستكون شديدة بين عشرات المنظمات، ما يستدعي من الجمعيات الناطقة باللغة العربية تطوير خطط مبتكرة ومتماسكة للحصول على التمويل.

من الناحية الاجتماعية، يشكل هذا التمويل فرصة لتعزيز الاندماج الثقافي عبر الفن، الموسيقى، الأدب والإعلام. وهو ما يعكس رؤية فنلندا لمجتمع متعدد الثقافات، حيث لا يُنظر إلى التنوع كعبء، بل كقيمة مضافة تثري المجتمع. وعلى الرغم من التحديات، فإن هذه البرامج تمثل بارقة أمل لكثير من الناشطين الذين يسعون إلى إحداث فرق في مجتمعاتهم.

إن فتح باب المنح للمجتمعات والهيئات المدنية يشكل خطوة استراتيجية نحو بناء مجتمع أكثر شمولية. ويبقى على الجمعيات الناطقة باللغة العربية الاستفادة من هذه الفرصة لتعزيز حضورها وإطلاق مبادرات تُحدث أثرًا مستدامًا في المجتمع الفنلندي.

Arabi.fi