أعلن حزب Perussuomalaiset (الفنلنديون الحقيقيون) في خريف 2025 أن هذا العام يمثل "نقطة تحول" للاقتصاد الفنلندي، حيث يرى قادته أن الإصلاحات الحكومية والتغييرات الضريبية الجارية ستؤدي إلى نمو اقتصادي، استقرار مالي، وتخفيف الضغط عن الميزانية العامة. هذه التصريحات أثارت نقاشًا واسعًا بين الاقتصاديين والسياسيين حول مدى واقعية هذه التوقعات، خصوصًا في ظل الأوضاع العالمية المضطربة وارتفاع معدلات البطالة محليًا.

بحسب تقرير نشرته Suomen Uutiset (2025)، استند الحزب في توقعاته إلى حزمة من الإصلاحات تضمنت خفض الضرائب على الشركات من 20% إلى 18%، وتخفيف ضريبة الدخل للأفراد، إلى جانب سياسات تقشفية في مجالات الدعم الاجتماعي والتعليم. الحزب يرى أن هذه الخطوات ستجعل فنلندا أكثر تنافسية وتجذب استثمارات أجنبية جديدة، ما سينعكس إيجابًا على النمو الاقتصادي وفرص العمل. لكن الأرقام الرسمية تعطي صورة أكثر تعقيدًا. فقد أظهر تقرير وزارة المالية (vm.fi، 2025) أن الدين العام لا يزال يتجاوز 150 مليار يورو، وأن العجز في الموازنة مستمر رغم التخفيضات. كما أن معدل البطالة ارتفع إلى 10.2% في الربع الثاني من العام نفسه (Tilastokeskus، 2025)، وهو ما يتناقض مع خطاب التفاؤل الذي يروج له الحزب. هذه التناقضات دفعت بعض الخبراء إلى التحذير من الإفراط في التفاؤل، والتنبيه إلى أن السياسات التقشفية قد تزيد من هشاشة الفئات الضعيفة بدلًا من تعزيز النمو.

من الناحية السياسية، يحاول حزب Perussuomalaiset تقديم نفسه كحزب مسؤول قادر على قيادة الاقتصاد نحو مرحلة جديدة من الاستقرار. وقد دعا الحزب المعارضة إلى تقديم بدائل اقتصادية ملموسة بدلًا من الاكتفاء بانتقاد سياسات الحكومة. في المقابل، ترى أحزاب المعارضة أن الحكومة الحالية تفتقر إلى رؤية طويلة المدى، وأنها تركز بشكل مفرط على تقليص النفقات بدلاً من الاستثمار في الابتكار والتعليم والبنية التحتية. القضية تطرح أيضًا بُعدًا اجتماعيًا مهمًا. فبينما يرى البعض أن تخفيض الضرائب قد ينعش قطاع الأعمال ويخلق فرص عمل جديدة، يخشى آخرون من أن تؤدي السياسات التقشفية إلى تراجع مستوى الخدمات الاجتماعية وزيادة الفجوة بين الطبقات. الجامعات والنقابات العمالية حذرت بالفعل من تأثير التخفيضات على التعليم والبحث العلمي، معتبرة أن إضعاف هذه المجالات سيضر بالنمو المستدام على المدى البعيد.

من زاوية إعلامية، لاقت تصريحات الحزب تغطية واسعة، حيث ركزت بعض الصحف المؤيدة على نبرة التفاؤل والأمل في تعافي الاقتصاد، فيما ركزت أخرى على المخاطر الكامنة في النهج الحالي. هذا التباين الإعلامي يعكس الانقسام السياسي والمجتمعي في تقييم مستقبل الاقتصاد الفنلندي. أن عام 2025 قد يمثل بالفعل نقطة تحول للاقتصاد الفنلندي، لكن اتجاه هذا التحول يبقى موضع نقاش. هل سيؤدي إلى نمو واستقرار كما يعد حزب Perussuomalaiset، أم أن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية ستجعل من هذه الوعود مجرد تفاؤل سياسي؟ الإجابة ستعتمد على قدرة الحكومة على الموازنة بين الكفاءة المالية وحماية العدالة الاجتماعية، وعلى كيفية تفاعل المجتمع مع هذه التغييرات.

المصادر

Suomen Uutiset – Perussuomalaiset: Vuodesta 2025 talouden käännekohta

VM.fi – Valtiontalouden katsaus 2025

Tilastokeskus – Työttömyysaste 2025

Arabi.fi