من بين أبرز بنود قانون الاندماج الجديد (Kotoutumislaki 2025) الذي دخل حيّز التنفيذ في بداية العام، تأكيد حق المهاجرين – بما فيهم الناطقون باللغة العربية في الحصول على المعلومات الأساسية المتعلقة بالإجراءات الرسمية والخدمات العامة بلغتهم الأم أو بلغة يفهمونها. هذا يشمل مراحل حاسمة مثل تسجيل الإقامة، طلب الخدمات الصحية والاجتماعية، الالتحاق بالمدارس، أو مواجهة تغييرات في الوضع القانوني. (finlex.fi, kotoutuminen.fi).

في السابق، كان الحصول على هذه المعلومات يعتمد في كثير من الأحيان على جهود شخصية أو مساعدة من الجمعيات الأهلية، ما جعل الكثير من المهاجرين عرضة لسوء الفهم أو فقدان حقوقهم. أما اليوم، فقد أصبح هذا الالتزام منصوصًا عليه في القانون، بحيث تتحمل السلطات – وخاصة البلديات – مسؤولية ضمان توفير هذه المعلومات بشكل رسمي وواضح. الهدف من ذلك هو إزالة الحواجز اللغوية التي كانت تمنع المهاجر من المشاركة الكاملة في المجتمع الفنلندي.

اللغة هنا ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي بوابة لفهم الحقوق والواجبات. فالمهاجر الذي لا يعرف القوانين أو الأنظمة قد يجد نفسه في وضع هشّ، سواء عند التعامل مع المدارس أو المؤسسات الصحية أو مكاتب العمل. ولهذا، فإن تقديم المعلومات بلغة مفهومة يعزز من العدالة والمساواة ويمنح المهاجر شعورًا بالأمان والثقة. بالنسبة للأسر الناطقة بالعربية، فإن هذه الخطوة ستساعد في فهم أفضل لنظام التعليم والرعاية الصحية، ما يسهّل حياتهم اليومية ويقلل من القلق المرتبط بالإجراءات الرسمية.

مع ذلك، يثير التطبيق العملي لهذا الالتزام بعض المخاوف. فترجمة الوثائق والمعلومات إلى لغات متعددة، مثل العربية والفارسية والصومالية، يتطلب خبراء لغويين وتمويلًا كافيًا. وفي ظل تقليص ميزانية الاندماج بمقدار 58 مليون يورو، عبّرت بعض البلديات الصغيرة عن قلقها من عدم القدرة على الوفاء بهذا الالتزام على الوجه الأمثل. الجمعيات المدنية طالبت الحكومة بضمان جودة الترجمة، وعدم الاكتفاء بترجمات حرفية قد تُربك المهاجرين بدلًا من أن تساعدهم. (yle.fi).

من الناحية الاجتماعية، يُتوقع أن يسهم هذا الحق الجديد في بناء ثقة متبادلة بين المهاجرين والمؤسسات الرسمية. عندما يشعر المهاجر أن صوته ولغته محترمة، فإن ذلك يعزز اندماجه ويجعله أكثر استعدادًا للمشاركة في المجتمع. كما أن الأسر الناطقة بالعربية ستستفيد بشكل خاص من هذا البند، لأنه يزيل عنها عبء الاعتماد على مترجمين غير رسميين من العائلة أو الأصدقاء.

يوضح هذا البند أن فنلندا تخطو خطوة مهمة نحو جعل مجتمعها أكثر شمولًا وعدالة. ورغم التحديات المرتبطة بالتمويل والتنفيذ، فإن الاعتراف القانوني بحق المهاجرين في الحصول على المعلومات بلغتهم هو ضمانة حقيقية تُعزز المساواة وتُسهّل مسار الاندماج.

Arabi.fi